( الفتوى الحقّ في الطلاق وما يتعلق به من أحكامٍ )


- 1 -

الإمام ناصر محمد اليماني
25 - 04 - 1430 هـ

21 - 04 - 2009 مـ
02:37 صباحاً
ــــــــــــــــــ


العقد مرتان والطلاق مرتان، ولا طلاق إلا بفراقٍ، ولا فراقٌ قبل انقضاء العدة ..

بسم الله الرحمن الرحيم، وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله رب العالمين..
قال الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا ﴿١﴾ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴿٣﴾ وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ۚ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴿٤﴾ ذَٰلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا(5)} صدق الله العظيم [الطلاق].

وإلى البيان الحقّ حقيقٌ لا أقول على الله إلا الحقّ..
يا معشر المُسلمين، لقد أمركم الله إذا طلقتم النساء بأنّهُ لا يعتمد الشرع تطبيقَ الطلاق بالفراق إلا بعد انقضاء أجلِ الطلاق وهي ثلاثة أشهرٍ للمُطلقات غيرِ ذوات الأحمال وغير اللاتي يتوفى الله أزواجهنّ، ولا تزال المُطلقة في رأس زوجها حتى لو طلقها ألفَ طلقةٍ ولا يتمّ اعتماده إلا بالفراق، ولا يتمّ تطبيق الفراق إلا بعد انقضاء أجله وهي ثلاثة أشهر، ويحلُّ لها البقاء في بيت زوجها حتى انقضاء الأجل لتطبيق الطلاق بالفراق؛ بمعنى أنّها لا تزال زوجته حتى انقضاء الأجل، والأجلُ مدته ثلاثة أشهر للحائض غيرِ ذات الأحمال، ولا تزال تحل له، فإذا اتَّفق الزوجان وتراجع عن الطلاق قبل انقضاء الأجل فلا يُحسب الطلاق شيئاً ما لم يأتِ أجلُه؛
ثلاثة أشهر عدة المُطلقات وأربعة أشهرٍ وعشراً للاتي يتوفى الله أزواجهنّ، وأولات الأحمال عدتهن أن يضعن حملهن. ويحل للمُطلقات البقاء في بيوت أزواجهن، فلا يزلن يحلّ لهنّ إذا أرادا الاتفاق بالرجوع عن الطلاق ثم العناق ما لم يأتِ أجل الطلاق المعلوم لكُل منهن.

ولا يجوز إخراجها من بيت زوجها قبل انتهاء أجل الطلاق ولا يجوز لهن الخروج؛ بل البقاء في بيتها حتى يأتي أجل الطلاق المعلوم، فهي لا تزال في عقد زوجها حتى انقضاء العدة
ولا يجوز إخراجها من بيتها كرهاً قبل مجيء أجل الطلاق بالفراق إلا أن تأتي بفاحشة مُبيّنة.

فاتقوا الله يا معشر الظالمين لأخوات الإمام المهديّ في دين الله المُسلمات المؤمنات، فلا تظلموهنّ فتخرجوهنّ من بيوت أزواجهنّ فور طلاقهنّ، ولا يجوز لهنّ أن يخرجن إلى بيوت أهلهنّ قبل انقضاء عدتهنّ فتَتَعَدُوا حدود الله ومن يتَعدَّ حدود الله فقد ظلم نفسه. تصديقاً لقول الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا} صدق الله العظيم [الطلاق:1].

والهدف من بقائهنَّ في بيوتهنَّ: علّه يذهبُ الغضبُ عن زوجها فيندم فيتراجع عن الطلاق قبل مجيء أجله فيتّفقان فيتعانقان فيعود الودُّ والرحمةُ بينهما أعظم من ذي قبل، وتلك هي الحكمة من بقائها في بيت زوجها فلا يجوز لها أن تخرج منه إلى بيت أهلها لأنّهم قد تأخذهم العزّة بالإثم فلا يعيدوها إليه حتى ولو اتّفقا فيما بينهما أي الزوجين للعودة إلى بعضهما، ولذلك أمركم الله وأمرهن بالبقاء في بيوتهن وهي بيوت أزاوجهن. تصديقاً لقول الله تعالى:
{لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا} صدق الله العظيم [الطلاق:1].

وفي ذلك تكمن الحكمة من بقائها لعلّ الله يحدث بعد ذلك أمراً وهو التراجع عن الطلاق ثمّ الاتفاق والعناق من قبل أن يأتي الأجل لتطبيق الطلاق بعد انقضاء الأجل المعلوم بالفراق، فإذا اتّفقا فتعانقا قبل انقضاء الأجل المعلوم فلا يُحسب ذلك طلاقاً شرعاً ومُطلقاً أبداً أبداً أبداً إلّا إذا انقضى الأجل، فإذا تمّ انقضاء الأجل ثلاثة أشهر ولا يزالا لم يتفقا ولم يتعانقا حتى لو تجاوز يوماً واحداً فلا تحلّ له إلا بعقدٍ شرعي جديدٍ من ولي أمرها الذي بيده عقدة النكاح، ثم يُحسب ذلك طلقةً واحدةً.

وحتى لو قال الزوج لزوجته أنتِ طالق بالثلاث فتلك بدعةٌ ما أنزل الله بها من سُلطان ولا تُحسب شرعاً إلا طلقة واحدة ولا تُطبق شرعاً إلا إذا انقضى أجل الطلاق وهو لا يزال مُصرّاً، ومن ثم تُطبق شرعاً بالفراق إلا إذا جاء الأجل المعلوم ولم يحدث قبل ذلك الاتفاق والعناق فعند انقضاء أجل الطلاق يجوز إخراجها من بيت زوجها ويتمّ تطبيق الطلاق بالفراق وتعتبر طلقةً واحدة فقط.

وإذا انقضت العدّة وأُخرجت إلى بيت أهلها ومن بعد ذلك أراد زوجها أن يسترجعها وهي أرادت أن ترجع لزوجها فلا يجوز لوليّها أن يمتنع عن عقد النكاح بينهما ما دامت رضيت أن ترجع إلى عقد زوجها الأول فهو أولى بها ممن سواه، فليعقد لزوجها فيعيدها إليه. تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ} صدق الله العظيم [البقرة:232].

ولا زواج إلا بعقدٍ شرعيٍّ من وليها الذي بيده عقدة النكاح وهو ولي أمرها، ولا يجوز نكاحها إلا بإذن وليها، ويجوز لوليّها العقد مرّتان فقط كما الطلاق مرتان فقط فلا زواج إلا بعقدٍ، ولا ينحل العقد إلا بانقضاء العدّة، وإذا انقضت العدّة وأراد زوجها أن يرجعها فليعقد له عقداً جديداً ليرجعها إلى زوجها، وإذا طلقها الثالثة وجاء أجل الطلاق ثلاثة أشهر ثم تجاوز فعند ذلك يتمّ إخراجها من بيت من كان زوجها ثم لا تحلّ له حتى تنكح زوجاً آخر، فإن افترقا هي وزوجها الجديد وانقضت العدّة وأُخرجت إلى بيت أهلها فإن أراد أن يسترجعها زوجها الأول فهي تحلّ له بعد أن نكحت زوجاً آخر بتطبيق العقد الشرعي من ولي أمرها.

ولربّما يودّ أحد عُلماء الأمّة أن يُقاطعني فيقول: "مهلاً مهلاً قال الله تعالى:
{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} صدق الله العظيم [البقرة:229].".
ومن ثمّ يرُد عليه الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني وأفتي بالحقّ وأقول: اللهم نعم العقد مرتان كما الطلاق مرتان، وقبل أن أجيب بالتفصيل على سؤالك فإن للإمام المهديّ ناصر محمد اليماني سؤال أريد الإجابة منك عليه يا فضيلة الشيخ المُحترم فأفتني: هل إذا طلقها زوجها للمرة الثالثة فهل لها عدّة تعتدونها وتحصون العدة ثلاثة أشهر أم إنه يحلّ لكم أن تزوجوها لمن شئتم قبل انقضاء العدة؟ ومعروف جوابكم: "اللهم لا حتى تنقضي عدتها ثلاثة أشهر للمُطلقات". ومن ثم أورد له سؤالاً آخر: وهل أجازَ الله لكم أن تخرجوهن من بيوتهن قبل انقضاء عدتهن الثلاثة الأشهر للمُطلقات؟ والجواب: قد حرّم الله إخراجها قبل انقضاء عدتها ثلاثة (الأشهر)، فإذا كانت الطلقة الثالثة فلتبقَ في بيت زوجها حتى انقضاء عدتها الثلاثة الأشهر، فإذا انقضت ثلاثة الأشهر وهي تسعين يوماً ثم غابت شمس آخر يوم في (التسعين يوماً) فتوارت الشمس بالحجاب فعند ذلك يتمّ تطبيق الفراق بالطلقة الثالثة، فلا تحل له أبداً حتى تنكح زوجاً آخر لأنّ العقد مرتان وليس ثلاثاً؛ أفلا ترون أنكم ظالمون! فاتّقوا الله في أرحامكم ونسائِكم يا معشر المُسلمين لعلكم تُفلحون.

ولا عدّة للتي تزوجت ولم يأتِ زوجها حرثه وأراد أن يُطلقها ولم يمسها بالجماع فلا عدّة لها إذا طلقها قبل أن يُجامعها فليُكرمها فيسرحها سراحاً جميلاً. تصديقاً لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ۖ فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} صدق الله العظيم [الأحزاب:49].

فيؤتيها نصف الفريضة المتفق عليها. تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ ۚ وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ} صدق الله العظيم [البقرة:237].

وعلمكم الله أنّ العفو أقرب للتقوى ما دام لم يستمتع بها شيئاً ويحلّ لها الزواج ولو من بعد خروجها من بيت زوجها مُباشرةً يحل لوليها أن يعقد لها على واحدٍ آخر إذا تقدم لها نظراً لعدم وجود حُكم العدّة.

ويا أمّة الإسلام، إنّي أُشهدكم على كافة عُلماء الأمّة من كان له أي اعتراض في دستور الزواج والطلاق في شرع الإمام المهديّ الذي هو ذاته شرع محمد رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- فلا يجوز لهم الصمت فلنحتكم إلى كتاب الله، وإذا لم أُهيّمن عليهم بالشرع الحقّ من ربّهم من مُحكم كتابه حتى لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت بينهم بالحقّ ويُسلموا تسليماً أو يكفروا بأحكام الله في الزواج والطلاق في القرآن العظيم، وإذا حضروا فأثبَتوا من مُحكم كتاب الله أنّ شرع ناصر محمد اليماني مُخالفٌ لما أنزل الله فعند ذلك لا يجوز لأنصاري الاستمرار في اتّباعي ما دُمتُ حكمتُ بأحكام في الطلاق مُخالفة لأحكام الله الشرعية في الكتاب. وأما إذا أثبتُّ أحكام الله الحقّ في الطلاق من مُحكم كتاب الله ثم لا يعترفون بالحقّ من ربّهم ويستمرون في ظُلم النساء سواء كانوا من أهل التوراة أو الإنجيل أو القرآن فأحذّرهم ببأسٍ من الله شديدٍ. تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} صدق الله العظيم [المائدة:47].

{وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} صدق الله العظيم [المائدة:44].
{وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} صدق الله العظيم [المائدة:45].

وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله رب العالمين..
الإمام المهدي ناصر مُحمد اليماني.
___________