الإمام ناصر محمد اليماني
28 - 02 - 1430 هـ
24 - 02 - 2009 مـ
09:17 مساءً
ــــــــــــــــــــ



ردّ الإمام على الأخت السائلة :
فتدبّري العشر الآيات الأولى من سورة الكهف تجدين فيهنّ سرّ المسيح عيسى ابن مريم الحقّ مع أصحاب الكهف؛
المسيح عيسى ابن مريم رفع الله روحه وطهّر جسده ..


بِسْمِ اللَّـهِ الرَّ‌حْمَـٰنِ الرَّ‌حِيمِ، وسلام ٌعلى المرسلين والحمدُ لله ربِّ العالمين، وبعد..
أختي الكريمة إنّ الله سبحانه ذكر الرفع والتطهير، فأمّا الرّفع فهو لروح ابن مريم رفعه الله إليه، وأمّا التطهير فطهّر الملائكة جسده وجعلوه بأمرٍ من الله في تابوت السكينة مع أصحاب الكهف، وهو الرقيم المضاف إليهم يكونون من آيات الله عجباً، ويظنّ النّصارى أنّ اليهود صلبوه وما لهم به من علمٍ ولا لآبائهم. ثم بيّن الله لكم أنه الرقيم المضاف إلى أصحاب الكهف وجعله الله ضمن العشر الآيات الأولى من سورة الكهف وجاء التوضيح في الآية التاسعة:
{
أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ﴿٩} صدق الله العظيم [الكهف]؛ لمن أراد أن يُعصم من فتنة الدجّال فيصدّق أن المسيح عيسى ابن مريم هو الرقم المضاف إلى أصحاب الكهف، وذلك لأنّ المسيح الكذّاب سيأتي فيقول إنّه المسيح عيسى ابن مريم، ويقول إنّه الله وما كان لابن مريم أن يقول ذلك؛ بل هو كذّابٌ وليس المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام الحقّ الذي لا يدّعي الربوبيّة، ولذلك يُسمّى المسيح الكذّاب.

فتدبري العشر آياتٍ الأولى من سورة الكهف تجدي فيهن سرّ المسيح عيسى ابن مريم الحقّ مع أصحاب الكهف وأنه الرقيم المضاف إلى أصحاب الكهف. وقال الله تعالى: بِسْمِ اللَّـهِ الرَّ‌حْمَـٰنِ الرَّ‌حِيمِ
{الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا ﴿١﴾ قَيِّمًا لِّيُنذِرَ‌ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ‌ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرً‌ا حَسَنًا ﴿٢﴾ مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا ﴿٣﴾ وَيُنذِرَ‌ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّـهُ وَلَدًا ﴿٤﴾ مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَ‌تْ كَلِمَةً تَخْرُ‌جُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ﴿٥﴾ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِ‌هِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَـٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ﴿٦﴾ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْ‌ضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴿٧﴾ وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُ‌زًا ﴿٨﴾ أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّ‌قِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ﴿٩﴾} صدق الله العظيم [الكهف].

وإذا تدبّرتِ هذه العشر الآيات الأولى من سورة الكهف تجدي حقيقة المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، ومن ثمّ تكوني في مأمنٍ من فتنة المسيح الكذّاب الذي يريد أن يفتري أنه هو المسيح عيسى ابن مريم ويقول أنه الله وذلك حتّى يُصدّقه ويتَّبعه الذين قالوا إنّ الله هو المسيح عيسى ابن مريم بغير الحقّ.

ومن ثمّ يتبيّن لكم الحكمة من التدبّر والحفظ للعشر الآيات الأولى من سورة الكهف وذلك لكي تفرّقوا بين المسيح عيسى ابن مريم الحقّ وبين المسيح عيسى ابن مريم الكذّاب.


وأمّا رفعه فلم يقل الله أنّه رفع جسده؛ بل أفتاكم الله أنّه توفّاه ورفع روحه إليه، وأمّا جسده فطهّرته الملائكة ولم يمسّه اليهود بسوء. وقال الله تعالى: {
إِذْ قَالَ اللَّـهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} صدق الله العظيم [آل عمران:55].

فأمّا قوله تعالى:
{أنّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ}، ويقصد نفس ابن مريم عليه الصلاة والسلام، وذلك لأنّ الأنفس تُرفع عند النوم أو عند التَّوفِّي. قال الله تعالى: {
اللَّـهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى} صدق الله العظيم [الزمر:42]. وسوف يرسل الله نفس ابن مريم إلى الجسد في القدر المقدور ليبعثه الله فيُكلمكم، وأمّا الجسد فطهّرته الملائكة وأضيف إلى أصحاب الكهف وهو الرقيم وكما قلنا أن قوله تعالى: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} إن ذلك يخصّ نَفْسَ المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام.

وأمّا قوله تعالى:
{وَمُطَهِّرُكَ مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا}، أي مُطهّر الجسد من الذين كفروا فلا يمسّونه بسوءٍ، وقامت الملائكة بغسله ووضعه في تابوت السكينة ووضعوه في الكهف؛ وهو ليس في فجوة أهل الكهف؛ بل في قبةٍ بداخل الكهف في مكانٍ طاهرٍ، فلا عجب من الحقّ أختي الكريمة.

وبعد وقوع القول سوف يبعثه الله فيكلِّمكم كهلاً كما وعدكم الله بذلك، ولكن أكثر النّاس لا يعلمون.
وإنّما الدابة إنسانٌ يكلمهم كهلاً وهو المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام وعلى أمّه الصدّيقة القدّيسة وعلى محمد وآله الطيبين والتابعين للحقّ في كل زمانٍ ومكانٍ إلى يوم الدين.

وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين..
الإمام ناصر محمد اليماني.
______________